A.Hesham المدير العام
| موضوع: الملائكة تقبض أرواح الناس الإثنين 27 سبتمبر 2010, 12:44 am |
| الملائكة تقبض أرواح الناس
قال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُمَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌمُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْتَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُعَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُرُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِمَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ(62) [الأنعام/60-62] يَقُولُ تَعَالَى إنَّهُ يَتَوَفَّى أَنْفُسَ العِبَادِ فِي حَالِنَوْمِهِمْ فِي اللَّيلِ ، فَيُزِيلُ إِحْسَاسَهَا ، وَيَمْنَعُها مِنَالتَّصَرُّفِ فِي الأَبْدَانِ ( وَهُوَ التَّوَفِّي الأَصْغَرُ ) ،وَيَعْلَمُ مَا يَكْسِبُهُ العِبَادٌ مِنَ الأَعْمَالِ فِي النَّهَارِ ،وَهَذا دَلِيْلٌ عَلَى عِلْمِهِ تَعَالَى بِكُلِّ شَيءٍ ، ثُمَّيَبْعَثُهُمْ فِي النَّهَارِ لِكَسْبِ أقْوَاتِهِمْ ، وَتَأْمِينِمَعَاشِهِمْ ، وَلِيَسْتَوفِيَ كُلُّ إِنْسَانٍ أَجَلَهُ كَامِلاً ، (لِيَقْضِيَ أَجَلٌ مُسَمَّى ) ، ثُمَّ يَرْجِعُ الخَلْقُ إلى اللهِحِينَمَا تَنْتَهِي آجَالُهُمْ ، ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِفَيَجْزِيهِمْ عَنْ أَعْمَالِهِم الجَزَاءَ الذِي يَسْتَحِقُونَهُ . وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الغَالِبُ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ، وَيُرْسِلُحَفَظَةً مِنَ المَلائِكَةِ عَلَى العِبَادِ ، يَتَعَاقَبُونَ عَلَيْهِمْلَيْلاً وَنَهَاراً ، يَحْفَظُونَ أَعْمَالَهُمْ ، وَيُحْصُونَهَا ، مَادَامُوا عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ ، وَلاَ يُفَرِّطُونَ فِي شَيءٍ مِنْهَا ،حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ أَجَلُهُ ، تَوَفَّتْهُ مَلاَئِكَةُالمَوْتِ المُوكَلُونَ بِذَلِكَ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ، وَهُمْ لاَيُقَصِّرُونَ فِيمَا يُوَكَّلُ إِلَيْهِمْ . ثُمَّ يُرَدُّ العِبَادُ ،الذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ، إلى اللهِ جَمِيعاً ، يَوْمَالقِيَامَةِ ، وَهُوَ تَعَالَى مَوْلاَهُمُ الحَقُّ ، فَيَحْكُمُ فِيهِمْبِعَدْلِهِ ، وَهُوَ يَومْئَذٍ صَاحِبُ الحُكْمِ وَالقَوْلِ الفَصْلِ ،وَهُوَ تَعَالَى أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ . " فهو صاحب السلطان القاهر وهم تحت سيطرته وقهره. هم ضعاف في قبضة هذاالسلطان لا قوة لهم ولا ناصر. هم عباد. والقهر فوقهم. وهم خاضعون لهمقهورون .. وهذه هي العبودية المطلقة للألوهية القاهرة .. وهذه هي الحقيقة التي ينطقبها واقع الناس - مهما ترك لهم من الحرية ليتصرفوا ، ومن العلم ليعرفوا ،ومن القدرة ليقوموا بالخلافة - إن كل نفس من أنفاسهم بقدر وكل حركة فيكيانهم خاضعة لسلطان اللّه بما أودعه في كيانهم من ناموس لا يملكون أنيخالفوه. وإن كان هذا الناموس يجري في كل مرة بقدر خاص حتى في النفسوالحركة! «وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً» .. لا يذكر النص هنا ما نوعهم .. وفي مواضع أخرى أنهم ملائكة يحصون على كلإنسان كل ما يصدر عنه .. أما هنا فالمقصود الظاهر هو إلقاء ظل الرقابةالمباشرة على كل نفس. ظل الشعور بأن النفس غير منفردة لحظة واحدة ، وغيرمتروكة لذاتها لحظة واحدة. فهناك حفيظ عليها رقيب يحصي كل حركة وكل نأمةويحفظ ما يصدر عنها لا يند عنه شيء .. وهذا التصور كفيل بأن ينتفض لهالكيان البشري وتستيقظ فيه كل خالجة وكل جارحة ..«حَتَّى إِذا جاءَأَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ»..الظل نفسه ، في صورة أخرى .. فكل نفس معدودة الأنفاس ، متروكة لأجل لاتعلمه - فهو بالنسبة لها غيب لا سبيل إلى كشفه - بينما هو مرسوم محدد فيعلم اللّه ، لا يتقدم ولا يتأخر. وكل نفس موكل بأنفاسها وأجلها حفيظ قريبمباشر حاضر ، ولا يغفو ولا يغفل ولا يهمل - فهو حفيظ من الحفظة - وهو رسولمن الملائكة - فإذا جاءت اللحظة المرسومة الموعودة - والنفس غافلة مشغولة- أدى الحفيظ مهمته ، وقام الرسول برسالته .. وهذا التصور كفيل كذلك بأنيرتعش له الكيان البشري وهو يحس بالقدر الغيبي يحيط به ويعرف أنه في كللحظة قد يقبض ، وفي كل نفس قد يحين الأجل المحتوم. «ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ» ..مولاهم الحق من دونالآلهة المدعاة .. مولاهم الذي أنشأهم ، والذي أطلقهم للحياة ما شاء .. فيرقابته التي لا تغفل ولا تفرط .. ثم ردهم إليه عند ما شاء ليقضي فيهمبحكمه بلا معقب :«أَلا لَهُ الْحُكْمُ ، وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ» فهو وحده يحكم ، وهو وحده يحاسب. وهو لا يبطىء في الحكم ، ولا يمهل فيالجزاء .. ولذكر السرعة هنا وقعه في القلب البشري. فهو ليس متروكا ولو إلىمهلة في الحساب! وتصور المسلم للأمر على هذا النحو الذي توحي به أصولعقيدته في الحياة والموت والبعث والحساب ، كفيل بأن ينزع كل تردد في إفراداللّه سبحانه بالحكم - في هذه الأرض - في أمر العباد .. إن الحساب والجزاء والحكم في الآخرة ، إنما يقوم على عمل الناس في الدنياولا يحاسب الناس على ما اجترحوا في الدنيا إلا أن تكون هناك شريعة مناللّه تعين لهم ما يحل وما يحرم ، مما يحاسبون يوم القيامة على أساسهوتوحد الحاكمية في الدنيا والآخرة على هذا الأساس .. فأما حين يحكم الناسفي الأرض بشريعة غير شريعة اللّه فعلام يحاسبون في الآخرة؟ أيحاسبون وفقشريعة الأرض البشرية التي كانوا يحكمون بها ويتحاكمون إليها؟ أم يحاسبونوفق شريعة اللّه السماوية التي لم يكونوا يحكمون بها ولا يتحاكمون إليها؟ إنه لا بد أن يستيقن الناس أن اللّه محاسبهم على أساس شريعته هو لا شريعةالعباد. وأنهم إن لم ينظموا حياتهم ، ويقيموا معاملاتهم - كما يقيمونشعائرهم وعباداتهم - وفق شريعة اللّه في الدنيا ، فإن هذا سيكون أول مايحاسبون عليه بين يدي اللّه. وأنهم يومئذ سيحاسبون على أنهم لم يتخذوااللّه - سبحانه - إلها في الأرض ولكنهم اتخذوا من دونه أربابا متفرقة.وأنهم محاسبون إذن على الكفر بألوهية اللّه - أو الشرك به باتباعهم شريعتهفي جانب العبادات والشعائر ، واتباعهم شريعة غيره في النظام الاجتماعيوالسياسي والاقتصادي ، وفي المعاملات والارتباطات - واللّه لا يغفر أنيشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .." وقال تعالى : { وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِيخَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) قُلْيَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىرَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) [السجدة/10، 11] وَقَالَ المُشْرِكُونَ باللهِ ، المُكَذِّبُونَ بِالبَعْثِ والنُّشُورِ :هَلْ إِذا صَارَتْ لُحُومُنا وَعِظَامُنا تُراباً ، وَتَفَرَّقَتْ فيالأَرضِ ، واخْتَلَطَتْ بِتُرابها فلم تَعُدْ تَتَمَّيزُ عَنْهُ ،سَنُبْعَثُ مَرَّةً أُخْرى ، ونُخْلَقُ خَلْقاً جَديداً؟ وَهؤلاءِالمُشْرِكُونَ يُنْكِرُونَ قُدرَةَ اللهِ عَلى الخَلْقِ ، وَيَكْفُرُونَبِلِقَاءِ رَبِّهِمْ في الآخِرةِ . قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهؤلاءِالمُشْرِكِينَ : إِنَّ مَلَكَ المَوْتِ ، الذِي وُكِّلَ بِقَبْضِأَرْوَاحِكُمْ ، يَقُومُ بِمَا كُلِّفَ بِهِ ، وَيَقْبِضُ الأَرْوَاحَحِينَما تَسْتَنْفِدُ الخَلاَئِقُ آجَالَها ، ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلىرَبَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُجازِي كُلَّ وَاحدٍ بِعَمَلِهِ . "الضلال في الأرض : الضّياع ، والفناء في ترابها .. وذلك بما يحدث للأجساد بعد الموت من تحلل وفناء. والحديث هنا عن المشركين ، الذين ينكرون البعث ، ويرون أن انحلال أجسادهمبعد الموت ، وتحولهم إلى تراب من تراب الأرض ، يجعل من المستحيل أن يعودوامرة أخرى إلى ما كانوا عليه ، إذ ما أبعد ما بين هذه الأجساد التي أبلاهاالبلى ، وبين الحال التي ستصبح عليها لو صحّ أنهم سيبعثون .. ولو أنهم نظروا إلى ما دعاهم اللّه سبحانه وتعالى إليه ، من النظر في قوله تعالى : « وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ». . وفي قوله : « ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ »ـ لوجدوا أن لا فرق بين هذا التراب الذي جاءوا منه ، أو تلك النطفة التيتخلقوا منها ، وبين هذا التراب الذي صارت إليه أجسادهم .. بل إن فىأجسادهم الغائبة تحت التراب ، إشارات تشير إليهم ، وتاريخا يحدث عنهم!إنهم ـ وهم في التراب ـ أشبه بغائب ترجى له عودة ، وهم لم يكونوا من قبلشيئا! وشىء يعود إلى أصله ، أقرب في التصور من توقع وجود شىء من عدم! ـوفي قوله تعالى : « بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ » ـ إشارة إلىأن هؤلاء المشركين على ضلال في حياتهم الدنيا .. قد فتنوا بها ، وأذهبواطيباتهم فيها ، وأطلقوا لهواهم العنان يذهب بهم كلّ مذهب .. وهذا ما أوقعفي تفكيرهم أن لا حياة بعد الموت ، وأن لا حساب ولا جزاء ... لأن ذلك يعنىأن يعملوا حسابا لهذا الحساب ، وأن يتخففوا كثيرا مما هم فيه من ضلال ،وأن يستبقوا من يومهم شيئا لما بعد هذا اليوم .. وإنه ليس لهم إلى ذلك منسبيل ، وقد غلبتهم أهواؤهم ، واستولت عليهم دنياهم .. وإذن فلا يوم بعدهذا اليوم ، ولا حياة بعد هذه الحياة .. إنهم ـ والحال كذلك أشبه بالجندفي ليلة الحرب .. يقضونها ليلة صاخبة معربدة ، حتى الصباح ، ينفقون فيهاكل ما معهم .. ثم ليكن في الغد ما يكون!! قوله تعالى : « قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَبِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ».توفية الشيء : استيفاؤه وأخذهكاملا وافيا ، وعبّر عن الموت بالتوفى ، لأنه لا يكون الموت حتى يستوفىالحىّ ما قدر اللّه له من حياة ، دون زيادة أو نقصان. وفي قوله تعالى : « قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَبِكُمْ » ـ إشارة إلى أن الموت الذي يحلّ بهم ، ليس أمرا يقع من تلقاءنفسه ، اعتباطا ، كما يظنون وكما يقول شاعرهم : رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطىء يعمّر فيهرم وكلّا ، فإن الموت بيد اللّه الحكيم العليم ، الذي جعل لكل نفس أجلامحدودا ، فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون .. ثم إن الموتيقوم به رسول من رسل اللّه ، مهمته هى قبض الأرواح من الأجساد ، بعد أنتستوفى أجلها .. وإذا كان ذلك كذلك ، فإن الذي إليه الموت ، له أيضاالحياة قبل الموت ، وبعد الموت .. فمن أعطى الحياة ، ثم سلبها ، لا يعجزأن يعطى ما سلب! « كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ، وَكُنْتُمْ أَمْواتاًفَأَحْياكُمْ ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ، ثُمَّ إِلَيْهِتُرْجَعُونَ » (28 : البقرة)." " إنهم يستبعدون أن يخلقهم اللّه خلقا جديدا ، بعد موتهم ودفنهم ، وتحولأجسامهم إلى رفات يغيب في الأرض ، ويختلط بذراتها ، ويضل فيها ، فماذا فيهذا من غرابة أمام النشأة الأولى؟ لقد بدأ اللّه خلق الإنسان من طين. منهذه الأرض التي يقولون إن رفاتهم سيضل فيها ويختلط بها. فالنشأة الآخرةشبيهة بالنشأة الأولى ، وليس فيها غريب ولا جديد! «بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ» .. ومن ثم يقولون ما يقولون.فهذا الكفر بلقاء اللّه هو الذي يلقي على أنفسهم ظل الشك والاعتراض علىالأمر الواضح الذي وقع مرة ، والذي يقع ما هو قريب منه في كل لحظة.لذلكيرد على اعتراضهم بتقرير وفاتهم ورجعتهم ، مكتفيا بالبرهان الحي الماثل فينشأتهم الأولى ولا زيادة : «قُلْ : يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِالَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ» ..هكذا فيصورة الخبر اليقين .. فأما ملك الموت من هو؟ وكيف يتوفى الأنفس فهذا منغيب اللّه ، الذي نتلقى خبره من هذا المصدر الوثيق الأكيد. ولا زيادة علىما نتلقاه من هذا المصدر الوحيد." |
|