Mahmoud HBK55 المدير العام
| موضوع: ماذا تخفي تسمية «الدولة اليهودية» ؟ السبت 25 سبتمبر 2010, 5:29 am |
| من حق كل دولة ان تطلق علي نفسها الاسمالذي تريده. الاسم ملزم للدولة المعنية وليس للدول الاخري والمجتمعالدولي. علي سبيل المثال وليس الحصر، تسمي الجزائر نفسها "جمهورية الجزائرالديمقراطية الشعبية"، فيما تعتبر ليبيا نفسها "جماهيرية" و"عظمي"، لكنالناس لا يريدون السماع سوي بليبيا. أما الشطر الجنوبي من اليمن، فكانيسمي نفسه قبل الوحدة التي تحققت في ايار- مايو من العام 1990 "جمهوريةاليمن الديمقراطية الشعبية"، علما انه لم يكن هناك اي نوع من الديمقراطيةفي ذلك البلد الذي تحكم به طويلا حزب واحد لا يمتلك اي نوع من الشعبية.وقد جاء يوم تبين فيه ان الحزب الحاكم لم يكن سوي تجمع فاشل يضم ممثلينلقبائل وعشائر ومناطق. وعندما وقع الخلاف بين هؤلاء، عاد كل منهم اليقبيلته أو شيرته أو منطقته. والبقية الباقية من القصة معروفة لا حاجة اليتكرارها...
يطرح هذا الموضوع نفسه مجددا بعدما حولته اسرائيل الي جزء لا يتجزأ منالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني. تريد إسرائيل، التي يتحكم بها حاليابنيامين نتانياهو بحكومته اليمينية، ان يعترف بها العالم والعربوالفلسطينيون بصفة كونها "دولة يهودية". من قال ان اسرائيل ليست دولةيهودية. من شك يوما في ذلك؟ من شك يوما في ان الرابط الديني هو الاهم فياسرائيل وان هذا الرابط هو الذي يجمع بين الاسرائيليين الذين استعمروا ارضفلسطين بعد مجيئهم اليها من مختلف اصقاع العالم. من شك يوما بان هذاالرابط الديني هو الذي يجعل من العرب في اسرائيل مواطنين من الدرجةالثانية، علما انهم موجودون علي تلك الارض منذ مئات السنين وهم اصحابهاالاصليون؟
المشكلة لا تكمن في ان اسرائيل تسعي الي الحصول علي اعتراف بها كـ"دولةيهودية". المشكلة في مكان آخر. لماذا هذا الاصرار وماذا تخفي تلك الرغبةفي هذا الوقت بالذات، اي مع العودة الي المفاوضات المباشرة بحثا عن تسويةنهائية للنزاع الذي بات عمره مائة عام واكثر؟ قبل كل شيء، ان اسرائيل حرةفي ان تسمي نفسها ما تشاء. ولكن لا يحق لها استخدام تلك التسمية من اجلتهجير ما بقي من الفلسطينيين من ارضهم التاريخية. هؤلاء الذين بقوا فيبيوتهم ابطال حقيقيون صمدوا في وجه كل المحاولات لاقتلاعهم من ارضهم فيالعام 1948 وتحملوا الذل والهوان ولكن بقوا مرفوعي الرأس يحتفلون كل سنةبـ"يوم الارض" لتأكيد ان ظلما تاريخيا لحق بالشعب الفلسطيني.
هؤلاء الذين يسميهم العرب "عرب اسرائيل" استفادوا من تجربة الذين هجرهمالاسرائيليون من ارضهم وحولوهم لاجئين. هؤلاء يريدون البقاء في فلسطينيتحدون الظلم بالافعال وليس بمجرد الشعارات كما يفعل كثيرون في هذهالمنطقة، في ايران وغير ايران، لا هم لهم سوي المتاجرة بالشعب الفلسطينيواستخدامه وقودا في معارك لا علاقة له بها من قريب أو بعيد.
يرفض المفاوض الفلسطيني "الدولة اليهودية" في حال كانت اسرائيل ستستخدمالتسمية من اجل التخلص من فلسطينيي الداخل. هذا هو الهم الحقيقي لرئيسالسلطة الوطنية الفلسطينية السيد محمود عبّاس الذي يخوض حاليا معركة قاسيةعلي جبهات عدة من اجل تحقيق حلم الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف،علي حد تعبير ياسر عرفات، رحمه الله، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني. انمنع اسرائيل من تهجير فلسطينيي الداخل تحت شعار "الدولة اليهودية" جزء لايتجزأ من المعركة التي يخوضها "ابومازن" الذي عليه في الوقت ذاته حمايةظهره من الحملات التي يشنها المزايدون من كل حدب وصوب، خصوصا من طهران حيثيتباري كبار المسئولين في اطلاق الشعارات التي تصب في خدمة اسرائيلوسياستها التوسعية.
مرة اخري، تستطيع اسرائيل ان تسمي نفسها ما تشاء. ما ليس مقبولا ان تسعيالي تحوير طبيعة النقاش القائم. في صلب النقاش كلمة وحيدة هي "الاحتلال".هل تريد اسرائيل انهاء الاحتلال ام لا ؟ كل ما يطالب به الفلسطينيون هوالتخلص من الاحتلال الذي بدأ في العام 1967 واقامة دولتهم علي ارض فلسطينوليس في اي مكان آخر. المؤسف ان الطرح الاسرائيلي الذي يركز علي تسمية"الدولة اليهودية" يندرج في سياق اعادة رسم خريطة المنطقة كلها بما يتلاءممع طموح نتانياهو الساعي الي تكريس الاحتلال لجزء من الضفة الغربية، بمافي ذلك القدس الشرقية والانتقال في مرحلة لاحقة الي تهجير فلسطينيي الداخلالذين باتوا يشكلون نحو عشرين في المائة من مجموع سكان اسرائيل. يبدو رئيسالوزراء الاسرائيلي مقتنعا بان ذلك ممكن وان كل ما عليه عمله هو كسب الوقتعن طريق التفاوض من اجل التفاوض.
من حسن حظ الجانب الفلسطيني ان ثمة وعيا لدي فريقه المفاوض لهذا الخطربعيدا عن اي نوع من الاوهام، بما في ذلك وهم حق العودة في المطلق الذي لاوجود له الا في ذهن اولئك الفلسطينيين وغير الفلسطينيين الذين لا يريدونحلا معقولا أو اي تسوية من اي نوع كان.
للمرة الاولي في تاريخ النزاع يعتمد الفلسطيني الواقعية. الواقعية تفرضعدم الهرب من المفاوضات المباشرة، خصوصا ان الادارة الاميركية مصرة عليهابقوة. لكن الواقعية لاتعني في اي شكل الاستسلام للاحتلال والرضوخ له ولاتعني خصوصا تجاهل الخطر الذي يمكن ان تنطوي عليه تسمية "الدولة اليهودية".لتسم اسرائيل نفسها "دولة الشيطان" اذا كان ذلك ينهي الاحتلال ويؤمن قيامدولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة من دون المساس بالوضع القانوني لعربالداخل... والباقي تفاصيل لا قيمة تذكر لها! |
|